کد مطلب:335801 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:172

مناظرته مع کبیر علماء الشافعیة فی حلب
یقول الشیخ الأنطاكی: بعد اشتهار أمرنا بالتشیع، أتانی أحد أعاظم

علماء الشافعیة المشهورین بالعلم والفضیلة فی مدینة حلب الشهباء، وسألنی بكل لطف: لماذا أخذتم بمذهب الشیعة، وتركتم مذهبكم؟ وما هو السبب الداعی لكم، واعتمادكم علیه؟ وما دلیلكم علی أحقیة علی بالخلافة من أبی بكر؟ فناظرته كثیرا، وقد وقعت المناظرات فیما بیننا مرارا، وأخیرا اقتنع الرجل [1] .

ومن جملة المناظرة أنه سألنی عن بیان الأحقیة فی أمر الخلافة هل أبو بكر



[ صفحه 153]



أحق أم علی؟ فأجبته: إن هذا شئ واضح جدا بأن الخلافة الحقة لأمیر المؤمنین علی علیه السلام فور وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله ثم من بعده إلی الحسن المجتبی علیه السلام ثم إلی الحسین الشهید بكربلاء علیه السلام ثم إلی علی بن الحسین زین العابدین علیه السلام ثم إلی محمد بن علی الباقر علیه السلام ثم إلی جعفر بن محمد الصادق علیه السلام ثم إلی موسی بن جعفر الكاظم علیه السلام ثم إلی علی بن موسی الرضا علیه السلام ثم إلی محمد بن علی الجواد علیه السلام ثم إلی علی بن محمد الهادی علیه السلام ثم إلی الحسن بن علی العسكری علیه السلام ثم إلی الحجة ابن الحسن المهدی الإمام الغائب المنتظر علیه السلام. ودلیل الشیعة علی ذلك: الكتاب الكریم، والسنة الثابتة عن رسول الله صلی الله علیه وآله من الطرفین وكتبهم ملیئة من الحجج والبراهین الرصینة، ویثبتون مدعاهم من كتبكم ومؤلفاتكم إلا أنكم أعرضتم عن الرجوع إلی مؤلفات الشیعة والوقوف علی ما فیها، وهذا نوع من التعصب الأعمی. أما الكتاب فقوله تعالی: (إنما ولیكم الله ورسوله والذین آمنوا الذین یقیمون الصلاة ویؤتون الزكاة وهم راكعون) [2] .

وإن هذه الآیة نزلت فی ولایة (علی) بلا ریب بإجماع الشیعة وأكثر علماء السنة فی كتب التفسیر، كالطبری، والرازی، ابن كثیر، وغیرهم فإنهم قالوا بنزولها فی علی بن أبی طالب علیه السلام.



[ صفحه 154]



ومما لا یخفی علی ذی مسكة بأن الله عز وجل هو الذی یرسل الرسل إلی الأمم لا یتوقف أمرهم علی إرضاء الناس، وكذلك الوصایة تكون من الله لا بالشوری ولا بأهل الحل والعقد، ولا بالانتخاب أبدا، لأن الوصایة ركن من أركان الدین، والله جل وعلا لا یدع ركنا من أركان الدین إلی الأمة تتجاذبه أهواءهم، كل یجر إلی قرصه. بل لا بد أن یكون القائم بأمر الله بعد وفاة النبی صلی الله علیه وآله منصوصا علیه من الله لا ینقص عن الرسل ولا یزید، معصوما عن الخطأ، فالآیة نص صریح فی ولایة علی علیه السلام وقد أجمعت الشیعة، وأكثر المفسرین من السنة أیضا أن الذی أعطی الزكاة حال الركوع هو (علی) بلا خلاف فتثبت ولایته علیه السلام أی خلافته بعد رسول الله صلی الله علیه وآله بهذه الآیة فأورد علی حجة یدعی بها تدعیم خلافة أبی بكر، فقال: إن أبا بكر أحق بالخلافة!! إذ أنه أنفق أموالا كثیرة قدمها إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وزوجه ابنته، وقام إماما فی الجماعة أیام مرض النبی صلی الله علیه وآله. فأجبته قائلا: أما إنفاق أمواله، فدعوی تحتاج إلی دلیل یثبتها، ونحن لا نعترف بهذا الإنفاق، ولا نقر به، ثم نقول: من أین اكتسب هذه الأموال الطائلة؟ ومن الذی أمره به؟ ولنا أن نسألك: هل الإنفاق كان فی مكة أم بالمدینة؟ فإن قلت: فی مكة، فالنبی صلی الله علیه وآله لم یجهز جیشا، ولم یبن مسجدا ومن یسلم من القوم یهاجره [3] إلی الحبشة والنبی صلی الله علیه وآله وجمیع بنی هاشم لا تجوز علیهم



[ صفحه 155]



الصدقة، ثم إن النبی صلی الله علیه وآله غنی بمال خدیجة كما یروون [4] وإن قلت: بالمدینة فأبو بكر هاجر ولم یملك من المال سوی (600) درهم فترك لعیاله شیئا، وحمل معه ما بقی ونزل علی الأنصار، فكان هو وكل من یهاجر عالة علی الأنصار، ثم إن أبا بكر لم یكن من التجار، بل كان تارة بزازا یبیع - یوم اجتماع الناس - أمتعة یحملها علی كتفه، وتارة معلم الأولاد، وأخری نجارا یصلح لمن یحتاج بابا أو مثله. وأما تزویجه ابنته لرسول الله صلی الله علیه وآله فهذا لا یلزم منه تولی أمور المسلمین به. وأما صلاته فی الجماعة - إن صحت - فلا یلزم منها تولی الإمامة الكبری أو الخلافة العظمی، فصلاة الجماعة غیر الخلافة، وقد ورد أن الصحابة كان یؤم بعضهم بعضا، حضرا وسفرا، فلو كانت هذه تثبت دعواكم لصح أن یكون كل منهم حقیقا بالخلافة، ولو صحت لادعاها یوم السقیفة لنفسه لكنها لم تكن أنذاك، بل وجدت أیام الطاغیة معاویة، لما صار الحدیث متجرا، ثم حدیث الجماعة جاء عن ابنته عائشة فقط! ولا ننسی لما سمع النبی صلی الله علیه وآله تكبیرة الصلاة، قال: من یؤم الجماعة؟ فقالوا: أبو بكر، قال: احملونی فحملوه - بأبی وأمی - متعصبا مدثرا، یتهادی بین رجلین (علی، والفضل) حتی دخل المسجد فعزل أبا بكر، وأم الجماعة بنفسه، ولم یدع أبا بكر یكمل الصلاة، فلو كانت صلاة أبی بكر بإذن النبی صلی الله علیه وآله أو برضاه فلماذا خرج بنفسه صلی الله علیه وآله وهو مریض وأم القوم؟!



[ صفحه 156]



والعجب كل العجب من إخواننا أنهم یقیمون الحجة بهذه الأشیاء التی لا تنهض بالدلیل، ویتناسون ما ورد فی علی علیه السلام من الأدلة التی لا یمكن عدها، كحدیث یوم الانذار إذ جمع رسول الله صلی الله علیه وآله عشیرته الأقربین بأمر من الله: (وأنذر عشیرتك الأقربین) فجمعهم الرسول صلی الله علیه وآله وكانوا إذ ذاك أربعین رجلا یزیدون رجلا أو ینقصونه وضع لهم طعاما یكفی الواحد منهم، فأكلوا جمیعهم حتی شبعوا، وبعد أن فرغوا، قال النبی صلی الله علیه وآله. (یا بنی هاشم! من منكم یؤازرنی علی أمری هذا)؟ فلم یجبه أحد، فقال علی علیه السلام: أنا یا رسول الله، أؤازرك، قالها ثلاثا، وفی كل مرة یجیب علی: أنا یا رسول الله. فأخذ برقبته، وقال: (أنت وصیی، وخلیفتی من بعدی، فاسمعوا له وأطیعوا) [5] .

قال: فقام القوم یضحكون ویقولون لأبی طالب. قد أمرك أن تسمع لابنك وتطیع. وحدیث (یوم الغدیر) المشهور، وحدیث (الثقلین)، وحدیث (المنزلة)، وحدیث (السفینة)، وحدیث (باب حطة)، وحدیث (أنا مدینة العلم وعلی بابها)، وحدیث (المؤاخاة)، وحدیث تبلیغ سورة (براءة)، و (سد الأبواب)، و (قلع باب خیبر)، و (قتل عمرو بن عبد ود العامری)، و (زواج بضعة



[ صفحه 157]



الرسول فاطمة الزهراء علیها السلام). إلی كثیر وكثیر من ذلك النمط مما لو أردنا جمعها لملأنا المجلدات الضخمة. أفكل هذه الروایات المتفق علیها لا تثبت خلافة علی علیه السلام وتلك الروایات المختلف فیها والمفتعلة، تثبت لأبی بكر تولی منصب الرسالة؟! وهذا شئ عجاب! ثم قال لی: أنتم لا تعترفون بخلافة أبی بكر. قلت: لا، هذا لا نزاع فیه عندنا، ولكن ننازع فی الأحقیة والأولویة، هل كان أبو بكر أحق بها أم أمیر المؤمنین علیه السلام. ها هنا النزاع، ولنا عندئذ [أن] ننظر فی هذا الأمر العظیم الذی جر علی الأمة بلاء، وفرق الأمة ابتداء یوم السقیفة إلی فرقتین بل إلی أربع فرق، فالأنصار انقسموا علی أنفسهم قسمین قسم یرید علیا وذلك بعد خراب البصرة. والآخر استسلم وسلم الأمر إلی أبی بكر. وكذلك المهاجرون: منهم من یرید أبا بكر والآخر علیا، ثم إلی فرق تبلغ الثلاث والسبعین، كل فرقة تحمل علی من سواها من الفرق حملة شعواء لا هوادة فیها، فجر الأمة الإسلامیة إلی نزاع دائم عنیف فكفر بعضهم بعضا، ولا زالت الأمة تمخر فی بحور من الدماء من ذلك الیوم المشؤوم إلی یوم الناس هذا، ثم إلی یوم یأتی الله بالفرج هذا الذی تحاول فیه. فالشیعة برمتهم یحكمون بما یثبت عندهم من الأدلة قرآنا وسنة وتاریخا ویحتجون من كتب خصومهم السنة، فضلا عن كتبهم بالخلافة لعلی ولبنیه الأئمة الأحد عشر الذی تمسكت الشیعة بإمامتهم.



[ صفحه 158]



إلی غیر ذلك من الأدلة التی أوردتها علی فضیلته فسمع وقنع وخرج من عندنا وهو فی ریب من مذهبه وشاكرا لنا علی ما قدمناه له من الأدلة وقد طلب منی بعض كتب الشیعة ومؤلفاتهم فأعطیته جملة من الكتب.



[ صفحه 161]




[1] مناظرة الشيخ الأنطاكي بعد التشيع مع أحد كبار علماء الشافعية في حلب وذكر المؤلف الشيخ أن كبير علماء الشافعية تشيع لكن رفض التصريح باسمه خوفا من قومه وعشيرته.

[2] سورة المائدة الآية 55.

[3] يعني يأمره بالهجرة.

[4] فإنفاق أبي بكر - علي ما يدعيه الخصم - وعدم سواء بسواء أمام هذا الحديث المشهور إذ لا أثر له في سير الرسالة المباركة، إذا قيس بسيف علي، ناهيك من مبيت علي عليه السلام علي فراش النبي صلي الله عليه وآله والجود بالنفس أقصي غاية الجود فتدبره وأنصف.

[5] ذكره المؤرخ جرجي زيدان في كتابه (تاريخ التمدن الإسلامي) ج 1 - ص 21. والأستاذ محمد حسنين هيكل في (حياة محمد) ص 4 الطبعة الأولي، وفي الطبعة الثانية حذف هذا القول مقابل مبلغ من الأموال والدولارات.